الولايات المتحدة على رأس الدول الخارجة عن القانون، وهي لا تتقيد البتة بالقانون الدولي. ومن يراقب الإعلام الأمريكي الرسمي بغض النظر إن كانت الإدارة الأمريكية تمثل الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، لا يوجد اختلاف جدي لأن هذا الإعلام يعكس مصالح طبقة رأس المال العالمي والعسكري الأمريكي، التي تسعى الى "إعادة تشكيل العالم" خاصة بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي وتوحيد ألمانيا، وتوسيع حلف الناتو باتجاه أوروبا الشرقية، من خلال فرض الهيمنة الأمريكية الإمبريالية على العالم، لا بل أمركة العالم، ومن يرفض هذا النهج وغطرسة القوة الأمريكية يعتبر بنظر الإدارات الأمريكية دولة مارقة، أو دول تمثل "محور الشر" أو دول "إرهابية".
فقط بعد الحرب العالمية الثانية كانت أمريكا سبب لعشرات الحروب في شتى أنحاء العالم، وهذه الحروب سببت ملايين القتلى ودمار مجتمعات ودول بأكملها، يكفي أن نذكر دور أمريكا في الحرب الكورية والتي أدت الى خسائر اقتصادية ضخمة والى مقتل ما بين 3-2 مليون إنسان، وبعد ذلك الحرب الفيتنامية والتي أدت الى خسائر بشرية تراوحت بين 3-2 مليون إنسان ويذكر أن أمريكا استهلكت من القنابل كميات تفوق ثلاث مرات استهلاكها في الحرب العالمية الثانية وكلفتها الحرب، أي أمريكا 150 بليون دولار.
ومع أن الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب الفيتنامية، لا بل جريمتها في فيتنام، رفعت إداراتها شعار "لا لفيتنام أخرى" وجدنا أن طبقة رأس المال العسكري والمالي في الولايات المتحدة لم تتعلم شيئا من نتائج جرائمها في فيتنام، وبحجج ديماغوغية، وأكاذيب، ورغبة بالسيطرة على مصادر "الذهب الأسود" النفط في منطقة الشرق الأوسط يحتلون العراق ويخوضون حرباً خاسرة في أفغانستان.
لقد غزت الولايات المتحدة الأمريكية العراق، وقتلت مئات الآلاف وشردت الملايين مستغلة أكاذيب إعلامية، وديماغوغية الدفاع عن الديمقراطية وفرية امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل الكيمي أو البيولوجي أو الذري، مع أن احتلال العراق يشكل انتهاكا فظا للقوانين الدولية ولميثاق الأمم المتحدة.
في كانون الثاني 2006 قتل ثمانية عشرة مدنيا باكستانيا في هجوم صاروخي أمريكي على باكستان فعلقت صحيفة النيويورك تايمز في مقاله افتتاحية على الحادثة قائلة "كانت هذه الهجمات تستهدف بصورة شرعية كبار زعماء القاعدة الهاربين".
ومن يقرأ الصحافة الرسمية الإسرائيلية والإعلام الرسمي الإسرائيلي يبرر هذا الإعلام قتل المدنيين الفلسطينيين، بمئاتهم بحجة أمنية كاذبة وواهية، وأحدث مثل على ذلك العدوان الأخير عل غزة والذي أطلق عليه اسم "الرصاص المصقول".
لذلك نؤكد بأن الولايات المتحدة وإسرائيل دولتان خارجتان عن القانون فكلتا الدولتين تستخدمان القوة العسكرية، حيثما شاءتا، وبدون اعتبار لما يحدث من إصابات وقتل للمدنيين، كما يحدث في غزة وكما يحدث في العراق وأفغانستان فاستخدام القوة العسكرية المتغطرسة من قبل أمريكا وإسرائيل يجري بدون أي قيود أو حساب، أو أي اعتبار إنساني.
ودعماً لسياسات غطرسة القوة الهمجية الأمريكية الإسرائيلية يقوم الإعلام الغربي بممارسة سياسة "ازدواجية المعايير" والكيل بمكياليين، فحين تقوم أمريكا وإسرائيل بشن حروب عدوانية يعتبر ذلك دفاعاً عن الأمن ومن أجل الحفاظ على الديمقراطية" وبدرجة كبيرة من الوقاحة، جعلت أغلبية وسائل الإعلام الرسمي الغربي وخاصة الأمريكي تسمية إسرائيل "بالدولة الديمقراطية" الوحيدة في الشرق الأوسط. مع كل جرائمها اتجاه الشعب العربي الفلسطيني ومع جرائم أطول احتلال في العصر الحديث فأعمال إرهاب الدولة الأمريكي وجرائم الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع تعتبر بالنسبة للإعلام الغربي الرسمي وخاصة الأمريكي دفاعاً عن الأمن، ومن أجل الحفاظ على القانون الدولي، بينما كلتا الدولتين خارجتان عن القانون الدولي وتمارسان سياسات وإستراتيجية القوة من أجل الهيمنة وإخضاع شعوب المنطقة وفرض الإذعان بالقوة على شعوب العالم أجمع.
بعد الحرب العالمية الثانية دعت محكمة نورمبرغ انتهاك القانون الدولي "بالجريمة الدولية الأخطر التي تتجمع فيها كل الشرور".
من هنا ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وجرائم أمريكا ضد شعوب العراق وأفغانستان وغيرها من الدول جرائم حرب تتجمع فيها كل الشرور.
فكل من يعارض سياسات الهيمنة الأمريكية يتهم من قبل أمريكا وربيبتها إسرائيل، بخرق القانون الدولي. ولكن على أرض الواقع الدولتان الوحيدتان أمريكا وإسرائيل، هما مرتكبي سياسات إرهاب الدولة ومخترقي القانون الدولي، وآخر مثل على ذلك ما فعلته إسرائيل ضد مناضلي السلام الأتراك على السفينة مرمره.
الجهات الرسمية الإسرائيلية وإعلامها الرسمي يردد ديماغوغية الدفاع عن أمن إسرائيل، وأما أمريكا فقمة ما تطالب به، هو إقامة تحقيق، وكأن الصورة غير واضحة، وكأن مرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين غير معروفين. لا شك بأن هذا النهج هو قمة "ازدواجية المعايير" وقمة الكيل بمكيالين" وقمة غطرسة القوة، ولذلك علينا أن نتعمق أكثر فأكثر بسياسات إسرائيل وأمريكا العدوانية والعمل على "تشريح أمريكا وإسرائيل، من منطلق أن المعرفة قوة،ومن هنا نؤكد بأن الرهان على الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وفلسطين لن يؤدي الى السلام بل الى الاستسلام. ولذلك علينا أن نرفض نهج وسياسات وضع كل الأوراق بأيدي الإدارة الأمريكية بل على كل إنسان تقدمي ممارسة كل أساليب المقاومة الشعبية للاحتلال والتوجه لضمير وإنسانية الشعوب العربية لتنتفض ضد أنظمتها العميلة وتجنيد الرأي العام العالمي ضد سياسات إسرائيل وأمريكا. وطرح استعمال سلاح النفط، وسحب رؤوس الأموال العربية من الغرب وخاصةً أمريكا عندها فقط ستقبل إسرائيل بالسلام العادل لا بل ستركع إسرائيل وأمريكا أمام المطالب العادلة للشعوب العربية.
موسومة تحت
