VA"مكافحة اليسار"
اصبح هناك عقد غير مكتوب للحفاظ المشترك على الوجود بين الملك حسين والاخوان وايضا كان الملك حسين يعرف اين تكمن قوته فالجيش وعشائر البدو ودعم الاستخبارات الامريكية والبريطانية ودعم القوى الامبريالية العالمية وخاصة امريكا والتعاون والتنسيق مع اسرائيل كانوا البوصلة وبوليصة التأمين الخاصة بنظام الملك حسين في الاردن وكان الذين حوله يعرفون ذلك ولمعرفة المزيد عن عمالة النظام الهاشمي ودوره في مكافحة اليسار والقوى القومية والشيوعية ليس فقط في الاردن اتوجه للقارئ مراجعة كتاب جاك اوكونيل "مستشار الملك". "مذكرات عن الحرب والتجسس والدبلوماسية في الشرق الاوسط"
في اواخر السبعينيات كان موقف امريكا في الشرق الاوسط اكثر امانا واستقرارا، فأغلب الدول العربية وخاصة مصر والسعودية ودول الخليج كانت تربطها بالولايات المتحدة علاقات جيدة لا بل حلف استراتيجي وخاصة مع السعودية، وكانت هناك بعض الدول الرافضة للهيمنة الامريكية الامبريالية وهذه الدول هي العراق وسوريا وليبيا فضلا عن منظمة التحرير الفلسطينية، فقط هذه الدول كانت خارج المعسكر الامريكي.
وكانت امريكا تتخذ من هذه الدول أي العراق وليبيا وسوريا ومنظمة التحرير مواقف عدائية وتآمرية بهدف اضعاف وزعزعة الاستقرار في هذه الدول وداخل منظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع حلفاء مثل اسرائيل ومصر والاردن والسعودية ودول الخليج. وسعت امريكا وحلفاؤها في المنطقة إلى اضعاف دور هذه الدول المعارضة للهيمنة الامبريالية الصهيونية في المنطقة إلى اقصى حد، وحتى محاولات إلى احداث تغييرات في انظمتها ومواقفها السياسية باستخدام وسائل شتى منها التهديد ومحاولة الاقناع والرشى. وهكذا وجدت سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت نفسيهما في مواجهة حرب اهلية ضد القوى التي تقودها حركة "الاخوان المسلمون" واليمين الاسلامي.
كانت منظمة "الاخوان المسلمون" في ذلك الوقت تتلقى الدعم من امريكا ومن حلفاء آخرين من اجل تأليب القلاقل بفعل الاسلاميين في دمشق وضد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وهكذا قامت اسرائيل والاردن ودول الخليج بدعم "الاخوان المسلمون" في اواخر السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ورغم انه ليس هناك دليل على التورط المباشر للولايات المتحدة في الجهود الاردنية الاسرائيلية، كما اعترف مسؤولون امريكيين عملوا في الشرق الاوسط في تلك الفترة ولكن المخابرات الامريكية ارسلت تقارير حول تلك الاحداث إلى مسؤولين امريكيين كانوا على علم بما تقوم به اسرائيل والاردن، ولم تحاول امريكا في أي وقت اقناعهما بالعدول عما تفعلان.
ومما يثير الدهشة ان الدولة اليهودية ودولة ملكية علمانية ستتحالفان مع التشدد الاسلامي، لكن البلدين تصورا ان "الاخوان المسلمون" يمكن ان تكون سلاحا ضد سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية في سوريا قام "الاخوان المسلمون" بهجمات منظمة وعمليات ارهابية في حرب اهلية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي نتج عنها آلاف الضحايا.
واعتبارا من 1967 وحتى الثمانينيات ساعدت اسرائيل "الاخوان المسلمون"، بشكل غير مباشر، على تعزيز اوضاعهم في الاراضي المحتلة وداخل اسرائيل وساعدت ايضا الراحل احمد ياسين زعيم الاخوان على انشاء حركة حماس وراهنت على ان شخصيتها الاسلامية سوف تضعف منظمة التحرير الفلسطينية وقد فعلت ذلك، غير ان النتائج جاءت على غير ما خططت اسرائيل وبشكل لم تحسب له اسرائيل حسابا، فقد تطورت حماس إلى جماعة مقاومة للاحتلال، وقامت بتفجيرات انتحارية في التسعينيات وبذلك تحالفت اسرائيل والاردن على اطلاق المارد من القمقم. انشأت اسرائيل جماعة حماس كما يقول تشارلز فريمان الدبلوماسي الامريكي المخضرم، والسفير السابق في السعودية ويضيف وقد شعرت انها يمكن ان تشغل حماس ضد منظمة التحرير الفلسطينية. ورغم انشاء حماس رسميا عام 1987 كان كل اعضاء حماس من "الاخوان المسلمون" في قطاع غزة، وفي اعقاب حرب 1967 واحتلال اسرائيل لغزة والضفة الغربية ازدهر الاسلاميون بدعم من الاردن واسرائيل.
وأصبحت "الاخوان المسلمون" في الاراضي المحتلة رسميا تحت سيطرة "الاخوان المسلمون" في الاردن، وكانت حماس الفرع لهذه الحركة في الاراضي المحتلة – الضفة الغربية وغزة -. وتعود جذور حماس وحركة الاخوان إلى الثلاثينيات عندما كان مفتي القدس الحاج امين الحسيني قد التقى مع مبعوثين عن حسن البنا في عام 1935، وتأسست جمعية المكارم في القدس عام 1943 وانجذب العديد من الفلسطينيين القوميين إلى "الاخوان المسلمون" في ذلك الوقت وسوف يكون من بينهم زعماء للحركة العلمانية غير الاسلامية في الدولة الفلسطينية وهي سابقة على "الاخوان المسلمون" في فلسطين وبدأت فروع منظمة "الاخوان المسلمون" تنتشر في الاردن وفي حلب وفي حماة ودمشق في سوريا وفي غزة والقدس ورام الله وحيفا واماكن أخرى، وتم فتح اول مكتب للاخوان المسلمين في القدس عام 1945 على يد سعيد رمضان وبحلول عام 1947 كان هناك 20 فرعا للاخوان المسلمين في فلسطين ونحو 25 الف عضو.
وفي اكتوبر 1947 و1947 مرة أخرى عقدت حركة "الاخوان المسلمون" مؤتمرا اقليميا في حيفا حضره مندوبون من لبنان وعبر الاردن يدعو إلى نشر فكرة "الاخوان المسلمون" في انحاء فلسطين، في غزة كان "الاخوان المسلمون" تابعين لقيادة المنظمة في القاهرة وفي الضفة الغربية، المنطقة التي خضعت لادارة الاردن بعد عام 1948 كانت تابعة للاردن، وفي عام 1950 توحدت فروع الضفة الغربية والاردن لتكوين "الاخوان المسلمون" في الاردن. كانت جماعة محافظة وطورت بسرعة علاقات مع الملك الذي كان القوميون شوكة في خاصرته. وشجع الهاشميون (العائلة المالكة الاردنية) نشاط "الاخوان المسلمون" ورأوا انها يمكن ان تشكل توازنا ضد الشيوعيين واليسار ثم لاحقا ضد الناصرية والبعثية. كان مؤسس "الاخوان المسلمون" زعيم المنظمة في الاردن هو ابو قورة التاجر الثري الذي ليس له مصلحة في اغضاب أي طرف وكان لدى قورة علاقات وثيقة مع رجال اعمال في سوريا وعمان والبنا ورمضان في مصر.
ومنح الملك عبدالله "الاخوان المسلمون" مشروعية قانونية باعتبارها منظمة رعاية اجتماعية على امل ان يضمن تأييدها ضد المعارضة القومية اليسارية العلمانية، لكن الملك كان يشكك في الاخوان مع انه يأمل في ان دعمهم سيعزز مشروعيته كزعيم اسلامي. وكان الشريف حسين حاكم مكة ابو الملك عبدالله وابنه، أي ابن الشريف حسين فيصل صديقين "للورانس العرب" عميل الاستخبارات البريطانية ويذكر ان الشريف حسين راح يعلن ان اصوله تعود إلى الرسول محمد، وكان على عبدالله وحفيده الملك حسين مستقبلا ان يفعلا أي شيء ليظلا في الحكم، يكفي ان نذكر ملاحقة الملك حسين للشيوعيين ونفي العديد منهم وسجنهم في سجن الجفر لسنوات عديدة وقد التقيت مع احدهم خلال دراستي في الاتحاد السوفييتي من عائلة هلسة وآخرين. كانت حركة "الاخوان المسلمون" مثل أي جماعة اسلامية في أي مكان تناهض الشيوعية بحجة ان مصر والعالم الاسلامي في القرن العشرين وقعت تحت تهديد الشيوعية والايديولوجيات القومية التي تنكر الشريعة الاسلامية وكان "الاخوان المسلمون" قوة موالية في دعم الملك حسين وعارضت بشدة القومية العربية. وكانت جذور "الاخوان المسلمون" في الاردن ضاربة في العائلات الثرية من الضفة الشرقية التي اعتبرت ان الاشتراكية والاصلاح الزراعي تهديد لوجودها وعندما تحدى رئيس الوزراء عبد السلام النابلسي الميال لقوى اليسار والمتأثر بجمال عبد الناصر، الملك حسين عام 1957 وكان على وشك الاطاحة به وقف "الاخوان المسلمون" إلى جانب الملك وانقذوا عرشه من السقوط.
ومنذ تلك اللحظة اصبح هناك عقد غير مكتوب للحفاظ المشترك على الوجود بين الملك حسين والاخوان وايضا كان الملك حسين يعرف اين تكمن قوته فالجيش وعشائر البدو ودعم الاستخبارات الامريكية والبريطانية ودعم القوى الامبريالية العالمية وخاصة امريكا والتعاون والتنسيق مع اسرائيل كانوا البوصلة وبوليصة التأمين الخاصة بنظام الملك حسين في الاردن وكان الذين حوله يعرفون ذلك ولمعرفة المزيد عن عمالة النظام الهاشمي ودوره في مكافحة اليسار والقوى القومية والشيوعية ليس فقط في الاردن اتوجه للقارئ مراجعة كتاب جاك اوكونيل "مستشار الملك". "مذكرات عن الحرب والتجسس والدبلوماسية في الشرق الاوسط"، وقال يوسف العظم زعيم الاخوان في الاردن في ذلك الوقت من خمسينيات القرن الماضي: "اتفقنا مع الملك لأن ناصر لم يكن منطقيا في الهجوم عليه، ولحماية انفسنا لان اتباع ناصر وصلوا إلى المناصب القيادية في الاردن وسوف يتعرض الاخوان المسلمون للابادة كما حدث في مصر.
وجاء دعم الاخوان للملك في الوقت المناسب كان نفوذ ناصر وحلفائه يزداد وفي الوقت ذاته جرى الاطاحة بملك العراق، وتحولت السياسة الامريكية بشدة إلى مناهضة مصر وفي عام 1958 تم ارسال قوات امريكية إلى لبنان وبريطانية إلى الاردن والكويت لوقف انتفاضة القوميين وانضم الاخوان إلى الجهود الامريكية والبريطانية وقد قمع الملك حسين الاحزاب الناصرية والبعثية والشيوعية وشجع "الاخوان المسلمون" على الترشح في الانتخابات لدخول البرلمان الاردني وفازوا بالمقاعد البرلمانية في نابلس ومدن أخرى في الضفة الغربية كما وفر الجيش الاردني تدريبا لقوات "الاخوان المسلمون" شبه العسكرية. والمؤامرة على سوريا الآن هي سيناريو جديد اكثر بربرية واجرامية وبمشاركة عدد كبير من دول الغرب الامبريالي وعصابات الارهاب المتآمرة مع الثالوث الدنس الامبريالية والصهيونية والوهابية والا ما معنى ان تطلب السعودية واسرائيل بقاء الوجود العسكري الامريكي في سوريا بحجة خلق نوع من التوازن. توازن مع من؟؟ توازن بين الشعب السوري البطل المدافع عن وطنه ووجوده ومستقبله وبين قوى وعصابات الارهاب المدعومة من السعودية واسرائيل وامريكا؟ هل هذا التوازن هو الذي تريده السعودية! ولكن التطورات الاخيرة وانتصارات الشعب السوري في الغوطة الشرقية ودوما لن تترك أي شبر من الوطن السوري تتواجد فيه الحركات الارهابية او وجود اجنبي آخر امريكيا كان ام تركيا.
وفي تلك الفترة من خمسينيات القرن الماضي وفي غزة التي اصبحت الآن معقلا لسلطة حماس تغلغل "الاخوان المسلمون" بين الطلبة الفلسطينيين القادمين من القاهرة والكويت. وكونت حركة "الاخوان المسلمون" اتحاد الطلبة الفلسطينيين الذين سيتخلى الكثير منهم عن الاسلاميين ويتجه إلى منظمة التحرير الفلسطينية ومنهم ياسر عرفات وصلاح خلف وغيرهما. وفي غزة التي كانت تحت الادارة المصرية وجدت حركة الاخوان نفسها تحت ضغط بعد ان قضى ناصر على المنظمة في القاهرة، وفي يوليو عام 1957 اقترح خليل الوزير الذي سيتبوأ مقعدا قياديا على الصعيد الفلسطيني فيما بعد ان تقيم حركة "الاخوان المسلمون" الفلسطينية منظمة خاصة إلى جانب الحركة الاصلية لا تأخذ الطابع الاسلامي بل يكون هدفها تحرير فلسطين. ومنذ تلك اللحظة انقسمت الحركة الفلسطينية إلى فصيلين في احدهما القوميون الذين يؤيدون فكرة الوزير الذي انشأ الحركة الوطنية لتحرير فلسطين او فتح في عام 1958 – 1959 وفي الجانب الآخر الاسلاميون الذين فضلوا الابقاء على الولاء للاخوان المسلمين ولم ينضموا إلى فتح وعارضوها علنا.
وقد اُنشئت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1965 وبدأت الهجمات ضد اسرائيل منذ ذاك الوقت وضمت المنظمة المنتمين إلى القومية الفلسطينية الذين كانوا حلفاء لها وكانت تلك الفكرة القومية صورة من القومية العربية لدى عبد الناصر، فيما ظلت حركة "الاخوان المسلمون" من جانب آخر في معسكر المحافظين المتحالفين مع ملك الاردن بتأييد من السعودية والكويت والممالك الخليجية التي سوف تصبح دولا مستقلة فيما بعد، وفازت الاحزاب الموالية لناصر والبعث والاحزاب الشيوعية وحركة فتح بحجم عضوية اكبر على حساب الاخوان وكان اعضاء "الاخوان المسلمون" في الضفة الغربية اقل من الف وفي غزة بلغوا الفا قبل حرب 1967 مع اسرائيل.
وفي الضفة الغربية تغاضت السلطات الاردنية عن "الاخوان المسلمون" بينما في غزة رفضت مصر المنظمة في ظل حكم جمال عبد الناصر، وخلال تلك الفترة ظهر احمد ياسين "باعتباره متشددا" وسوف يفوز في بداية طريقه بتأييد اسرائيل ودعمها في السبعينيات والثمانينيات ويؤسس حماس عام 1987، والقت المخابرات المصرية القبض عليه في احدى محاولات اغتيال جمال عبد الناصر لكن الامور تغيرت بعد حرب 1967 حيث سيطرت اسرائيل على الضفة الغربية وغزة وتم اطلاق سراح احمد ياسين، وقال شاؤل ميشيل وأفرام سيلا الباحثان الاسرائيليان اللذان ألفا كتاب "حماس الفلسطينية" "كانت اسرائيل تسمح بالنشاط الاسلامي الاجتماعي والثقافي بعد وقوع غزة والضفة تحت السيطرة الاسرائيلية ومهد أي احتلال غزة والضفة الغربية الطريق امام تبلور جهود منظمة مشتركة بين الجانبين وفي اواخر الستينيات تأسست منظمة "الاخوان المسلمون" الفلسطينية المتحدة لتقوم بنشاط اسلامي في كل من قطاع غزة والضفة الغربية وشهدت السبعينيات مزيدا من العلاقات والروابط بين "الاخوان المسلمون" في الاراضي التي تحتلها اسرائيل وبين المواطنين الفلسطينيين العرب داخل اسرائيل وأدى ذلك إلى زيارة شخصيات من "الاخوان المسلمون" في الضفة الغربية وغزة مثل الشيخ احمد ياسين من اجل الدعوة والقاء خطب الجمعة والاجتماعات واللقاءات، وبدأت اسرائيل تلاحظ بعد قليل ان ياسين و"الاخوان المسلمون" حلفاء جيدون ضد حركة التحرير الفلسطينية.
وفي عام 1967 بدأ "الاخوان المسلمون" في تكوين بنيتها التحتية والسلطات الاسرائيلية تغض الطرف تماما، وانتشرت الجمعيات الخيرية واصبحت الاوقاف الاسلامية اكثر ثراء وتسيطر على 10% من العقارات في غزة وعشرات المشاريع وآلاف الافدنة من الاراضي الزراعية وتم تعميق المفاهيم الاسلاموية ذات الطابع الرجعي بين الفلسطينيين بعد عام 1967 كما هي الحال في مصر والسودان ودول عربية أخرى ضد المفاهيم القومية التقدمية العلمانية، وفي الفترة من 1967 إلى 1987 زاد عدد المساجد في غزة من 200 مسجد إلى 600 مسجد، كما ارتفع العدد في الضفة الغربية من 400 مسجد إلى 750 مسجدا.
في عام 1970 استطاع الاردن وبدعم اسرائيل والولايات المتحدة ان يطرد منظمة التحرير الفلسطينية بعد هزيمتها في الحرب الاهلية في ايلول الاسود، خلال تلك الحرب ايد "الاخوان المسلمون" الملك والبدو التابعين له ضد منظمة التحرير الفلسطينية وساعدت اسرائيل الملك حسين وهددت باتخاذ اجراءات اذا تحرك الجيش السوري لمساعدة المنظمة. وفي نفس العام طلب احمد ياسين زعيم الاخوان في غزة من الادارة العسكرية الاسرائيلية التصريح بانشاء منظمة ورفضت السلطات الطلب لكنها بعد 3 سنوات وتحت أعين الشين بيت (المخابرات الاسرائيلية الداخلية) سمحت لياسين بانشاء مركز اسلامي وجماعة اسلامية تحت ستار تحت اسم معهد اسلامي، وبدأ ياسين السيطرة الفعالة على مئات المساجد وكانت تلك المساجد إلى جانب مئات الجمعيات الخيرية والمدارس الاسلامية تعمل في تجنيد الاسلامويين وتحولت لتصبح مراكز جذب سياسية لنشاط ياسين، وفي عام 1976 انفصل مركز ياسين الاسلامي عن الجمعية الاسلامية وكان لها فروع واعضاء في قطاع غزة واستمرت في النمو. وكان الدعم الرسمي من اسرائيل للاسلاميين قد بدأ عام 1977 عندما فاز حزب حيروت الذي يرأسه مناحيم بيغن على حزب العمل الاسرائيلي في الانتخابات في مفاجأة مذهلة، وفي عام 1978 منحت حكومة بيغن الجمعية الاسلامية التي انشأها ياسين الاعتراف الرسمي وكان هذا نوعا من الضغط الشديد على منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي تلك السنوات وبعد نجاح اضراب يوم الارض الخالد قامت جهات سياسية رجعية مثل دول الخليج وقطر والسعودية بدعم اطر سياسية داخل اسرائيل بهدف اضعاف النجاح الكبير لوحدة جماهير شعبنا الفلسطيني داخل اسرائيل في يوم الارض من خلال اضعاف القوى القومية الوطنية العلمانية اليسارية وعلى رأسها الحزب الشيوعي. في ذلك الوقت أي نهاية السبعينيات من القرن الماضي كانت الحرب الاهلية مستعرة في لبنان ودعمت اسرائيل الميليشيات المسيحية المارونية التي كانت تحارب الفلسطينيين، وفي الضفة الغربية وقطاع غزة حاول بيغن زعزعة النفوذ القوي لمنظمة التحرير الفلسطينية باسلوبين اولا دعم الحركة الاسلامية وثانيا بانشاء ما يسمى بالجمعيات القروية وهي مجالس محلية يديرها الفلسطينيون المناهضون لمنظمة التحرير الفلسطينية بدعم كامل من السلطات العسكرية الاسرائيلية. وسجل ياسين و"الاخوان المسلمون" في ذلك الوقت نفوذا وسيطرة على الجمعيات القروية وتم تدريب اكثر من 200 من اعضاء تلك الجمعيات تدريبا شبه عسكري على يد اسرائيل وجند "الشين بيت" العديد من العملاء بالأجر في شبكة كبيرة من هؤلاء، وكان مقدرا لتلك الجمعيات ان تفشل ويزدريها الناس ويحقرها الفلسطينيون في الاراضي المحتلة في ذلك الوقت، لكن "الاخوان المسلمون" واصلوا اكتساح الساحة والنجاح على حساب فتح والجماعات الفلسطينية اليسارية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الدمقراطية لتحرير فلسطين والحزب الشيوعي.