عملية السلام وبسيخوزا المجتمع الاسرائيلي

23 أيلول/سبتمبر 2014, 12:00 am كتبه 
نشر في مقالات
قراءة 648 مرات

لا شك بان الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة افرزت احزابا يمينية لا تطرح اي طريق للخروج من المأزق الذي تواجهه اسرائيل في علاقاتها مع الشعب العربي الفلسطيني. وأحد الأسباب التي أدت الى ذلك حالة الخوف، ونفسية البسيخوزا الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الاسرائيلي الخوف، التنكر للواقع الموضوعي، ونجاح الاكاذيب التي يمارسها رجال السياسة في اسرائيل التي ادت الى هذا الوضع المتأزم.


سيكتب رجال التاريخ في المستقبل، بأن نسبة كبيرة من الاسرائيليين اليهود أيَّدت ووافقت على الانسحاب احادي الجانب من غزة، ودعم خطة التجميع "????????" التي تبناها حزب"كديما"، لأن المجتمع الإسرائيلي كان بحاجة الى مخرج نفسي يبرّر رفض السلام العادل والتنكر للواقع، وبأن هذا المجتمع لم يكن لديه القوة او الارادة الكافية لمواجهة الواقع بكل ابعاده. ورجال السياسة في الاحزاب الصهيونية يتلذذون على عذاب الآخر، جل همهم وهدفهم السلطة والتسلط، لا يوجد لديهم القدرة على طرح الحلول ومواجهة الواقع الحقيقي الصعب. إستطاعوا ان يقنعوا الجمهور بأن اتخاذ خطوات احادية الجانب، وآخر تصريح لبيرس بأن اسرائيل ستحدد حدودها الدائمة ومن ثم تقنع العرب على قبول ذلك ، تشكل مخرجًا للوضع المتأزم الذي تعيشه البلاد – طريق بدون مخرج.


الانقطاع عن الواقع الحقيقي ، هو الذي حدد تصويت الناخب الاسرائيلي، لا البحث عن امل جديد او رغبة في العمل والتضحية ، من اجل مستقبل افضل ودولة تعيش في ظروف افضل، من خلال احترام الحقوق القومية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، والانفتاح على العالم العربي وشعوبه .


كديما، "اسرائيل بيتنا"، وايضًا الليكود والعمل كلها احزاب ابعد ما تكون وغير قادرة على طرح اي طريق آخر أو ايديولوجية اخرى سوى الايديولوجية الصهيونية العنصرية التي تنفي الآخر وتهمشه، وتجرده من إنسانيته، تبريرًا لسياستها التوسعية والعدوانية والرافضة لمتطلبات السلام العادل .


مشاكل مثل الدولة، الدين، الفقر، العنف، التمييز العنصري، هذه اخذت مكانا هامشيا في معركة الانتخابات، وهذا التوجه، القصد منه الهروب من الواقع، ومن مواجهة القضية الاساس، قضية السلام وعدم مواجهة الحقيقة، هو الذي أدى بالمجتمع الاسرائيلي ان ينكمش ويتجمع مع نفسه داخل مأساة استمرار المواجهة مع الشعب الفلسطيني .
وليس صدفة ان ينسحب اولمرت من مرحلة المواجهة للواقع الموضوعي الى مرحلة الانسحاب احادي الجانب الى مرحلة التجمع داخل الذات .


بالإضافة الى الخوف من الارهاب، شخّصَ أولمرت قضية اضافية أخرى، الخوف والقلق لدى القوى السياسية اليمينية في البلاد من القضية الديموغرافية وفقدان الاكثرية اليهودية. وبالفعل نسبة كبيرة من المصوتين اعتقدت وصدقت سادية رجال السياسة، ما ادى الى موجات من الخوف والرعب والالتفاف حول كديما، وعلى هذه الموجة ايضا توسع تمثيل ليبرمان .


وما اقتراح ليبرمان بنقل سكان ام الفحم الى الدولة الفلسطينية، ما هي الا حرب نفسية شنتها السلطة الحاكمة في اسرائيل والاعلام الرسمي. وهذه الحرب النفسية تفسد عقول الإسرائيليين وتجعلهم يعيشون الخوف اليومي.
بناء الجدار العازل والحواجز، التي ستساعد اولمرت، من اجل القيام بما يسمى "التجمع داخل الذات" ما هو الا ذر للرماد في العيون . ولا يمكن ان يكون حلا للقضية واساسا للسلام العادل .
فالسلام العادل ممكن التحقيق في فترة زمنية قصيرة، من خلال الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، والإنسحاب الكامل وغير المشروط لحدود عام 1967، والاعتراف بحق اللاجئين بالعودة، وهذا ممكن تحقيقه ليس من خلال زيارات لواشنطن أو العواصم الأوروبية المختلفة، بل من خلال مفاوضات عملية موضوعية، بنّاءة، متبينة للقرارات الدولية حول القضية الفلسطينية في مدينة رام الله، فالمسافة غير بعيدة . 


ملاحظة:-
Psychosis:- مرض نفسي- ذهان، نفاس أو تشوّش نفسي يتّصف بعدم انتظام التصرّفات .
ويطرح السؤال هل هناك زعيم أو رجل سياسي إسرائيلي قادر على ذلك أو كلهم أقزام ؟

(كفر ياسيف)

قيم الموضوع
(0 أصوات)
د. خليل اندراوس

الدكتور خليل اندراوس

الموقع : www.khalil-andrawes.com

البنود ذات الصلة (بواسطة علامة)