من المهام الرئيسية ، في العصر الامبريالي: ألنضال ضد عولمة السوق الحرة

24 أيلول/سبتمبر 2014, 12:00 am كتبه 
نشر في مقالات
قراءة 678 مرات

ألنظام الاقتصادي الرأسمالي وخاصة في اعلى مراحله – المرحلة الامبريالية - ان كان في اسرائيل او امريكا او أية دولة رأسمالية اخرى، يوفر الى حد بعيد بل الى الحد المطلق المصالح الخاصة لاصحاب رأس المال الكبير الذي يتركز في ايدي افراد وعائلات لا تتعدى اصابع اليدين والرجلين، ليس فقط على حساب الطبقة العاملة والجماهير الشعبية الواسعة بل في العديد من الحالات على حساب الامة والدولة. فهذا النظام غير مؤهل في الدفاع عن المصلحة العامة، عن مصلحة المواطنين بأسرهم بصفتهم مجموعة. وهذا التطور اختزل وحول الاطر والمؤسسات السياسية ورجال السياسة كما في امريكا كذلك في اسرائيل، الى مجرد وظيفة وموظفين يخدمون السوق الحرة المتوحشة. لقد سمعنا بان كل ما هو خيّر بالنسبة "لجنرال مونترز" هو خير لامريكا، ونسمع اليوم ان كل ما هو خيّر لاسرائيل هو خير لامريكا.

والمبدأ المحرك لهذا المجتمع أي المجتمع الرأسمالي، ليس الاعتراف باهمية الحفاظ على المصالح المشتركة للمجتمع او للأمة بل معركة الجميع ضد الجميع.

وبدل الدمقراطية، حول تركيز رأس مال المجتمع الرأسمالي ان كان في امريكا او في اسرائيل، الى معركة ضارية ومجابهات اقتصادية مهنية اعلامية تخدم المصالح الخاصة لرأس المال. وبسبب هذه الاوضاع الاقتصادية السياسية الاجتماعية الثقافية السائدة في مجتمع رأس المال، نجد بان الناخبين في اكثر الدمقراطيات "تقدما" وخاصة في امريكا لا يقبلون على الانتخابات الا باعداد قليلة، مثلا في امريكا في بعض الحالات تصل النسبة الى اقل من 50% من نسبة الناخبين.

وتركيز رأس المال على شكل الشركات العابرة للقارات، حوّل الامم التي تحررت من الاستعمار المباشر ، ان تقع مجددا تحت وطأة العبودية
من نوع آخر، هي عبودية المنظمات الدولية، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. فكل هذه المؤسسات تحمي مصالح الامم الرأسمالية الكبرى مصالح الشركات العابرة للقارات. لقد اختفت مطالب النضال من اجل الاستقلال دون ان يحل محلها شيء آخر وخاصة بعد فشل تجربة بناء المجتمع "الاشتراكي" وتفكك الاتحاد السوفييتي. وكنتيجة موضوعية للفشل الاقتصادي والظروف الاجتماعية القاسية، ظهر اقتصاد المخدرات على نحو ساطع عندما تجاوزت لعبة الاقوياء الاطر المحلية للدول. فحيثما يهن عزم الدول وتضعف المؤسسات السياسية وتتوافر شروط ملائمة، تستوطن المخدرات، وتحدث تبديلات عميقة في المجتمع. فليس من المفاجئ اذًا ان تكون امريكا اللاتينية، وافغانستان مراكز هامة لانتاج وتصنيع المخدرات. فالعائدات التي تدرها المخدرات تفوق مجمل المساعدة العامة للتنمية وفق احصاءات لجنة المساعدات من اجل التنمية والتي تقدّر هذه العوائد بمئة مليار دولار.

وعلى هذا فان الغاء تجارة المخدرات من شأنه ان يؤثر اكثر بكثير من وقف سياسات الدعم العام للتنمية. فالكوكا والخشخاش هما المحصولان الزراعيان الوحيدان اللذان يتمتعان بتجارة ممتازة مع العالم الثالث. وفي كثير من الاحيان لا يختلف حجم عائدات المخدرات عن ميزانية بعض الدول، فبأموال المخدرات يمكن احيانا تعويض مشتريات بعض دول العالم الثالث، اذ غدت دائرة المصالح العامة منذ الآن في قبضة الملكية والثروات الخاصة، واذا جاز لنا القول، الشكل الاقصى من سيطرة القطاع الخاص.


فهذا التفاوت الكبير بين الدول الرأسمالية الغنية ودول العالم الثالث الفقير خلق ردود فعل دفاعية من قبل شعوب العالم الثالث في حالات عديدة تميزت بالانغلاق الوطني لهذه الدولة الرأسمالية او تلك، ومن خلال تحالفات مع قوى هي اعجز عن السيطرة عليها كالدين والعرقية والمعتقدات والقبلية. واكبر امثلة على ذلك افغانستان وباكستان والعراق وغيرها. كتب لينين يقول "الامبريالية هي :(1) الرأسمالية الاحتكارية(2) الرأسمالية الطفيلية اوالمتعفنة (3) الرأسمالية المحتضرة
إن استبدال الاحتكار بالمزاحمة الحرة هي ميزة الامبريالية الاقتصادية الرئيسية وهو جوهر الامبريالية"و اضاف "ان الرأسمال المالي يهدف الى السيطرة لا الى الحرية" واضاف " ان الرجعية السياسية على طول الخط كله هي من ميزات الامبريالية، وبيع هذه الضمائر، فساد بنسبة هائلة، شتى انواع الفضائح " واضاف " ان استثمار المستعمرات من قبل حفنة من الدول "الكبيرة" يحول العالم "المتمدن" اكثر فاكثر الى طفيلي يعيش من دماء الشعوب غير المتمدنة التي تعد بمئات الملايين من الناس" وكتب لينين يقول" فان الاحتكار الذي ينبثق من الرأسمالية انما هو احتضار الرأسمالية". وما الأزمات الاقتصادية المتكررة للنظام الرأسمالي الامبريالي الا بعض بشائر هذا الاحتضار، وعندما يقوم بعض علماء الاقتصاد ويدعون الى تأميم البنوك كعملية ضرورية للخروج من الازمة الاقتصادية وخاصة في امريكا وبعد ان تم اعلان افلاس اكثر من 240 بنكًا رغم دعم الادارة الامريكية لمؤسسات رأس المال المالي، والبنكي بعشرات مليارات الدولارات، الا تعبير وانعكاس لعمق الازمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية.

من هنا فمن مهام الاحزاب الشيوعية والعمالية تربية الجماهير وخاصة الطبقة العاملة على فهم هذه المرحلة التاريخية للرأسمالية وفضح ممارساتها الاقتصادية والسياسية والاعلامية والثقافية ، والنضال بلا هوادة ضد عولمة السوق الحرة، وهيمنة الرأسمال الاحتكاري الذي "يعيش من دماء الشعوب".

قيم الموضوع
(0 أصوات)
د. خليل اندراوس

الدكتور خليل اندراوس

الموقع : www.khalil-andrawes.com