أكتوبر والثورة الثقافية السوفييتية

24 أيلول/سبتمبر 2014, 12:00 am كتبه 
نشر في مقالات
قراءة 606 مرات

انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى بالرغم من فشل التجربة السوفييتية لاحقًا، أحدث ثورة ثقافية لم يعرف التاريخ مثيلا لقياساتها. وسمحت القدرة العلمية التكنيكية للاتحاد السوفييتي باحتلال مواقع طليعية في جملة من الاتجاهات مثل السيطرة على الطاقة النووية، والتوغل في أعماق الفضاء الكوني.

ففي عام 1957 عرض الأمريكان في مؤتمر البحوث الصاروخية الدولي الذي انعقد في واشنطن نموذجا وزنه 1,5 كغم للقمر الاصطناعي الذي كانوا ينوون إطلاقه. وفي اليوم الأخير من المؤتمر طلب الصحافيون من بلاغونرافوف الأكاديمي السوفييتي أن يدلي لهم ببعض المعلومات عن الخطط المتعلقة بإطلاق قمر اصطناعي سوفييتي. وجاء جواب بلاغونرافوف غير المحدد ليقوي من موقف الأمريكان المتسم بدون ذلك بالتشاؤم تجاه إمكانيات الروس، ولكن في نفس الوقت بالضبط طلعت صفحات الجرائد تحمل خبرا مفاجئا: أطلق الإتحاد السوفييتي أول قمر اصطناعي في العالم، يدور حول الأرض ويبلغ وزنه 8603 كغم. وتحت قيادة العالِم الفذ سيرغي كوروليوف تم تصميم مجموعة كاملة من الأقمار الاصطناعية.

وهكذا في 12 نيسان سنة 1961 وفي التاسعة وسبع دقائق صباحا انطلقت من محطة إطلاق الأقمار الاصطناعية في بايكانور في كزاخستان أول مركبة كونية نقلت إنسانا وهو المواطن السوفييتي يوري غاغارين وقد وضع أول خطوة في الفضاء الخارجي. وهكذا أصبح الشعب السوفييتي أول من يطأ الفضاء الخارجي. وفي العام الماضي وعلى مدار السنة احتفى الشعب الروسي بهذه الذكرى (ذكرى مرور نصف قرن على هذا الإنجاز) وأطلق على عام 2011 "عام الفضاء". وأعقب يوري غاغارين "إخوانه الكونيون" جيرمان تيتوف، أندريان نيكولايف، بافل بوبوفيتش، فاليري بيكوفسكي، فالنتينا تيرشكوفا وفلاديمير كوماروف وغيرهم. وانتهى برنامج البحوث هذا بتجربة فريدة هي خروج الإنسان من المركبة إلى الفضاء الخارجي. وقد قام بذلك ألكسي ليونوف في أثناء تحليق المركبة الكونية فوسخود-2، التي كان يقودها الملاح الكوني بيليايف. وقد زار البلاد في العام الماضي رائد الفضاء الكسي ليونوف وكان لكاتب هذه السطور لقاء معه في المركز الثقافي الروسي سوية مع المستشار الأول والسكرتير الأول للسفارة البروفيسور الكسندر كروكوف.

أذكر هذا الآن لكي أؤكد بأن الشعب الروسي الذي استطاع أن يحدث هذه القفزة لا بل الثورة العلمية التكنولوجية والثقافية بعد ثورة أكتوبر، لا يمكن أن يترك حلبة التاريخ، بل سيقوم بدوره الثوري التقدمي الإنساني الآن ومستقبلا واستخدام حق النقض الفيتو الروسي في مجلس الأمن ضد التدخل الإمبريالي في شؤون سوريا الداخلية، وما هذا إلا تعبير عن موقف روسيا التاريخي الداعم لمطالب الشعوب بالحرية والتقدم رافضا سياسة الاستعباد الامبريالي لشعوب الشرق وخاصة الشعوب العربية، فاتحا المجال للشعوب نفسها بأن تقرر مصيرها وتغير النظام إلى نظام أكثر ديمقراطية وممارسة للتعددية الحزبية، رافضا تسليح المعارضة الرجعية بالسلاح من قبل أمريكا والسعودية، وكأن السعودية دولة واحة لا بل جنة الديمقراطية في الشرق، وأيضا استعمال القوة من قبل النظام السوري لا يمكن أن يكون حلا لمشاكل سوريا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. فقط الحوار الوطني السياسي هو المخرج من الكارثة التي يمر بها الشعب السوري.

قيم الموضوع
(0 أصوات)
د. خليل اندراوس

الدكتور خليل اندراوس

الموقع : www.khalil-andrawes.com